السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسم الله الرحمن الرحيم
باسم الله الرحمن الرحيم
اخواني اعضاء وزوار منتديات
نجوم العرب
الكرام اقدم لكم اليوم
حكاية سجيـــــــن
صحوت فجأة وفتحت عيني ببطء وصداع عجيب يغرق كياني في دوامة الحيرة والقلق
لم أبصر سوى الظلام ولا شيء غير الظلام
هل أنا ميت ؟
هل أنا في القبر ؟
ربما أكون محق لأني اسمع أصوات معذبة وأنات ألم شديدة هل سوف يأتي ملكي القبر ؟
وأخذت أحاول أن أتذكر ما سمعته عن هذه المرحلة وعن الأسئلة التي ممكن أن تطرح علي .
سمعت صوت خطوات ثقيلة قادمة من مكان ما ثم ظهر ضوء أغشى بصري لفترة وتراءى لي شبح رجل يقول : الطعام
ثم يرمي طبق معدني على الأرض ويغلق الباب خلفه ليعود ذلك الظلام الدامس
جلست برهة أحاول أن أستوعب الموقف لأن فكرة الموت كانت سهلة التقبل ولكن في الحقيقة
أين أنا ؟
ومتى جئت إلى هنا ؟
إني بالكاد أتذكر من أنا ؟
أصابتني حيرتي بالفزع وأصبحت أتحسس المكان حولي لعلني أهتدي لجواب ووقعت يدي على جسم صغير معدني رحت أتحسسه بلهفة وأنا أتعرف تدريجيا على حقيقته وتمتمت في نفسي : إنها قداحة
أشعلت القداحة وعلى ضوئها الباهت تفحصت عيني المكان البائس كانت غرفة صغيرة بدون نافذة وذات باب معدني شامخ ومتعالي على أي تساؤل أو فضول
حول العالم الخارجي , نظرت على ضوء القداحة للجدار ولمحت خطوط, في الحقيقة كانت عبارة عن أحرف وكلمات منسقة في سطور بالرغم أن الخط رديء إلا إني استطعت قراءته بسهولة ..
اليوم الأول
( أهلا بك في زاويتي
الزمن متجمد هنا والهوية لاتهم , المهم أنك
عربي و مسلم وهذا كافي بأن تكون إرهابي
هل أنا فعلا إرهابي ؟
أسأل حراس هذا المعتقل الكريه)
يوجد كلام كثير لكن لهب القداحة حرق إصبعي ومنعني من متابعة .... ماذا أسميها ؟
منشورة أو اعتراف أو خاطرة ؟
ربما يوميات هو المسمى الأفضل
لكن هذه اليوميات أخبرتني حقيقة مفزعة وهي إني في أحد السجون !
ماذا فعلت لكي أدخل هنا ؟
لا أتذكر !!
أشعلت القداحة مرة أخرى وأخذت أكمل القراءة
اليوم الثاني
( اليوم أخذنا الجنود في جولة ترفيهية حول المعتقل وقد كانت ترفيهية من الدرجة الأولى ولا يعود ذلك بسبب مشينا مكبلين بالسلاسل عراة البدن وليس بسبب نباح الكلاب المستعدة لنهش لحمك ولا تبقي إلا على عظامك وليس بسبب الهراول التي تتسابق للحصول على شرف ضربك بل بسبب وجود جنود من بني جلدتنا ينظرون للوضع بخضوع ..ألا توجد سخرية أكثر من هذه ... عرفت حينها أن الجحيم مخيف لأنه يملك أكثر من هذه ويوجد هناك أصحابك وأخوتك ينظرون لك تتعذب ولا يملكون شيء يدفعون به الخطر عنك , نفسي .. نفسي .... ساعدني يا رب )
اللهم عفوك !!
هل يكذب هذا الرجل أم أنه يصدق !!
هل يوجد أناس بهذه الهمجية والوحشية ؟
أين حقوق الإنسان ؟
أين الجمعيات الإنسانية ؟
أين الأموال التي تجمع بسبب التبرع لضحايا الكوارث الطبيعة أوليس يمر هؤلاء المساكين بكارثة من البشر؟
لماذا قلت هؤلاء وليس نحن ؟
لقد أدركت إن قضيتهم أصبحت قضيتي
ومصيرهم أصبح مصيري وعذابهم سوف يصبح عذابي ...
ساعدني يا رب !!
اليوم الثالث
( الصبر مفتاح الفرج , تغيرت هذه القاعدة
للصبر مفتاح العرج , عم فاضل زميلي وصاحبي في هذه الزنزانة لم ينال من صبره في جلسات التحقيق سوى خروجه بعاهة في رجله جعلته يعرج أثناء سيره
وعندما كنت أسأله عن أحداث هذه الإصابة كان
يقول : الله ليس بغافل عن عبيده , الله هو المنتقم
كم كان يعجبني أيمانك يا سيدي فاضل
كم كان يحزنني رؤيتك تتعثر في خطاك وهم يسيروك لغرفة التحقيق ..
آه يا عم فاضل كم كانت هذه الزنزانة مباركة بقراءتك المستمرة للكتاب الكريم تحت ضوء قداحتك القديمة
وحتى عندما مزقوا مصحفك المبارك كنت ترتل الذكر الحكيم بما تجود به ذاكرتك مازلت أذكر عندما كنت تصلي وقد دخل أحد خنازيرهم وأخذ يضحك عندما شاهدك تسجد وقد جلس على ظهرك وأنت مازلت ساجد وتدعي الله أن يرفع ذلك القابع على ظهرك والذي داس برجله الدنيئة على رأسك الطاهر
لم تدرك يا سيدي أن زمن المعجزات ولى
ولا يوجد للظواهر الخارقة في زمنا هذا
وكم أبكاني إيمانك بعد أن نهض ذلك الخنزير وبعد أن انتهيت من صلاتك وقلت : أن الله كان يريد أن يختبر صبري ...؟
ماذا نفعك صبرك يا عم فاضل ؟
أخذوك ولم يعيدوك وورثت من صحبتك قداحتك
قداحتك القديمة و العزيزة )
صرت الهث من فرط التوتر والخوف وأنا أحاول أن أتذكر هويتي وكيفية وصولي لهذا السجن المخيف
فجأة ٌفتح الباب ليمنعني من قراءة باقي اليوميات
أمعنت النظر في خيال ذاك الرجل الضخم القابع أمامي
والضوء المنبعث من خلفه لعب دور كبير في خلق ظل
على وجه القادم ومن ثم تظليل ملامحه ....
( أنهض )
على الرغم من أنه لم يقولها بلغتي لكني فهمتها بمنتهى السهولة ...
( قلت لك أنهض )
كان في خاطري أن أسأله من أنت ولماذا أنا هنا ...
كنت أريد أسأله من أصلا أنا ؟
في الحقيقة كنت أريد أن أسأله الكثير من الأسئلة لكنه أنقض علي ورفع جسمي الهزيل وأخذ يجرني خارج الزنزانة بمنتهى السهولة ... وبمنتهى الذل ....
ظلام .... حتى ممرات هذا السجن مظلمة !
هل هذا نوع من الأساليب التي يجعلنا نخاف حتى عندما نكون لوحدنا ...هل هذا ما يريده هؤلاء القوم ؟
توقف ذلك الرجل عن أحد الأبواب , طرق الباب ثم فتحه ودفعني للداخل بعنف سقطت على وجهي وأنا أكاد ابكي أريد أن اعرف فقط ما لذي فعلته لكي أعيش في هذا الانكسار رفعت نظري لرجل يجلس على كرسي متأنق كأنه ذاهب إلى حفلة أو إلى مناسبة سعيدة , أقترب مني الرجل و انخفض نحوي
وهمس : أخبرتك أيها الإرهابي العربي سوف تذوق
العذاب على يدي الطاهرتين ...
لكني شديد الإعجاب بك مازلت على قيد الحياة بعد الذي مررت به ..
والآن أخبرني عن مركز الإرهابيون وسوف أرحمك
وإذ أخبرتني بما أحب سوف أكرمك حتى ...
نظرت له وابتسامته الصفراء تعلو ثغره القبيح ..
قلت له بخفوت مرتبك : ما لذي تتحدث عنه ؟
انقلبت ابتسامته إلى عبوس وتغيرت سحنته الهادئة
إلى شيطان رجيم وصرخ بقوة ثم ركلني في وجهي ليحطم لي ( سنّين ) ثم يسحبني من شعري وهو يصرخ عاليا : أيها الإرهابي القذر لقد منحتك فرصة
العمر لكنك فوتها ارني عنادك عندما تواجه
( الكماشة ) بشحنتها العالية هذه المرة !
ثم ترك رأسي يسقط على الأرض بعنف وأن أشعر بإنهاك كبير وذلك الصداع الكريه لا يفارق ذهني المشوش , سلمت نفسي لذراعي ذلك الرجل الأول ليعيدني لزنزانتي من جديد , رماني بعنف على الأرض التقت أنفاسي بصعوبة ثم زحفت على الأرض والتقطت القداحة وأكملت قراءة تلك اليوميات
( اليوم الرابع )
إنه اليوم الأخير بالنسبة لي .... لا تفرح لن أغادر
السجن فحسب بل سأغادر الحياة , اليوم قابلت المدعو
( ستيفن ) وبعد التعذيب والتنكيل هددني بالكماشة
وقد تتساءل ما هي الكماشة ؟
هي عبارة عن كرسي معدني في أعلاه لوحين معدنيني
يطوقان الرأس بأكمله , يقيدون السجين في الكرسي ثم
يطلقون شحنات كهربية عالية في اللوحين المعدنيين
ليغمر ذلك التيار رأسك ويجعلك تتمنى الموت
هذا ما وصلني من معلومات حول ذلك الجهاز المخيف
وبصراحة شديدة لم أعد أستحمل تعذيبهم , أصابوني بجروح عميقة في أمامكن مختلفة في جسمي , نزعوا من كليتي بعملية همجية للتبرع بها إلى أبناء بلدهم
والآن تيار كهربي عالي الشحنة يمر في رأسي ؟
لا والف لا ... لن أنجو هذه المرة ... أدعو لي بالرحمة ... )
نزلت دموعي على خدي لا شعوريا وأنا أقرأ تلك الكلمات
وأتصور حاله الذي يشبه حالي لحد كبير ...
هل سوف الحق بهذا السجين المسكين بعد أن أتعرض
لتلك ( الكماشة ) ؟
أنا أيضا أشعر بالتعب , و ألم غير محدود ولكني أجهل السبب ....
فتح الباب مرة أخرى فنظرت برعب نحو ذلك الرجل الذي أمسكني مرة أخرى بهمجية وساقني نحو غرفة ذات باب معدني ... ما لذي يكسوا الباب ! ..دماء ؟
دخلت معه لأجد ذلك الكرسي المعدني الأسطوري
يبتسم لي بسخرية وكأنه يعدني بنقلي إلى عالم آخر
لا يختلف عن هذا الكابوس ..
ثبتني الحراس ولم يكترثوا بتوسلاتي الذليلة الخاضعة
اقترب مني ذلك الأنيق وأنفاسه الكريهة تلفح وجهي
( ألم تستلم بعد ؟ )
قلت له وأنا أبكي : لا اعلم شيء .. بالله صدقني ...
هز رأسه بأسى مصطنع ثم رفع يده كنوع من الإشارة
وهو يبتعد خطوات عني , سمعت صوت بعض المفاتيح الإلكترونية تُدار ثم صاعقة في رأسي
وضوء كالبرق غشى عيني وألم هز كياني ....
ذهن مشوش وصداع عنيف وألم شديد استيقظت
من جديد في تلك الزنزانة المظلمة نفس الهدوء
الذي تقاطعه الأنات , نفس الرائحة ....
رائحة الدماء ...
نظرت إلى اليوميات المكتوبة على الجدار وقد تعرفت على سر الرائحة الدموية فقد كانت اليوميات مكتوبة
بالدماء , شعرت ببعض الصفاء في ذهني انهمر بغتة
مررت القداحة نحو جسمي وأنا أنظر نحو تلك الجروح الغريبة المتناثرة ووضعت يدي بالقرب من خاصرتي فشعرت بألم قوي وعندما نظرت إلى مكان الألم وجدت شق به آثار خياطة وكأنه أثر عملية ما
هنا أزداد الصفاء الذهني وبدأت أتذكر وقائع مختلفة ثم
أدخلت يدي في فمي ولوثتها ببعض الدماء ثم شرعت
أكتب على الجدار بعض الكلمات ... مثلما توقعت نفس
الخط ... ونفس الدماء ... كان كاتب تلك اليوميات هو أنا ..... الآن تذكرت من أنا ....
طالب جامعي كنت بالصدفة بالقرب من أحد مركز الشرطة التي تعرضت لهجوم انتحاري وقام جنود الاستعمار باعتقال الموجودين بشكل عشوائي ومنهم كنت أنا ...
إذ كان ألم الكماشة في المرة الأولى هو سبب فقداني المؤقت لذاكرتي وألمها الثاني كان سبب استردادها
هل المرة الثالثة سوف يكون سبب محوها نهائيا ؟
صبغت إصبعي بالدماء من جديد ...
وواجهت قبلتي وانحنيت في محرابي وشرعت أقوم بواجبي المقدس ... كتابة يومياتي ...ورحت أكتب
وأكتب ..... وأكتب ....
النهاية ...
الكاتب : Angeleese
وتحياتي
الكرام اقدم لكم اليوم
حكاية سجيـــــــن
صحوت فجأة وفتحت عيني ببطء وصداع عجيب يغرق كياني في دوامة الحيرة والقلق
لم أبصر سوى الظلام ولا شيء غير الظلام
هل أنا ميت ؟
هل أنا في القبر ؟
ربما أكون محق لأني اسمع أصوات معذبة وأنات ألم شديدة هل سوف يأتي ملكي القبر ؟
وأخذت أحاول أن أتذكر ما سمعته عن هذه المرحلة وعن الأسئلة التي ممكن أن تطرح علي .
سمعت صوت خطوات ثقيلة قادمة من مكان ما ثم ظهر ضوء أغشى بصري لفترة وتراءى لي شبح رجل يقول : الطعام
ثم يرمي طبق معدني على الأرض ويغلق الباب خلفه ليعود ذلك الظلام الدامس
جلست برهة أحاول أن أستوعب الموقف لأن فكرة الموت كانت سهلة التقبل ولكن في الحقيقة
أين أنا ؟
ومتى جئت إلى هنا ؟
إني بالكاد أتذكر من أنا ؟
أصابتني حيرتي بالفزع وأصبحت أتحسس المكان حولي لعلني أهتدي لجواب ووقعت يدي على جسم صغير معدني رحت أتحسسه بلهفة وأنا أتعرف تدريجيا على حقيقته وتمتمت في نفسي : إنها قداحة
أشعلت القداحة وعلى ضوئها الباهت تفحصت عيني المكان البائس كانت غرفة صغيرة بدون نافذة وذات باب معدني شامخ ومتعالي على أي تساؤل أو فضول
حول العالم الخارجي , نظرت على ضوء القداحة للجدار ولمحت خطوط, في الحقيقة كانت عبارة عن أحرف وكلمات منسقة في سطور بالرغم أن الخط رديء إلا إني استطعت قراءته بسهولة ..
اليوم الأول
( أهلا بك في زاويتي
الزمن متجمد هنا والهوية لاتهم , المهم أنك
عربي و مسلم وهذا كافي بأن تكون إرهابي
هل أنا فعلا إرهابي ؟
أسأل حراس هذا المعتقل الكريه)
يوجد كلام كثير لكن لهب القداحة حرق إصبعي ومنعني من متابعة .... ماذا أسميها ؟
منشورة أو اعتراف أو خاطرة ؟
ربما يوميات هو المسمى الأفضل
لكن هذه اليوميات أخبرتني حقيقة مفزعة وهي إني في أحد السجون !
ماذا فعلت لكي أدخل هنا ؟
لا أتذكر !!
أشعلت القداحة مرة أخرى وأخذت أكمل القراءة
اليوم الثاني
( اليوم أخذنا الجنود في جولة ترفيهية حول المعتقل وقد كانت ترفيهية من الدرجة الأولى ولا يعود ذلك بسبب مشينا مكبلين بالسلاسل عراة البدن وليس بسبب نباح الكلاب المستعدة لنهش لحمك ولا تبقي إلا على عظامك وليس بسبب الهراول التي تتسابق للحصول على شرف ضربك بل بسبب وجود جنود من بني جلدتنا ينظرون للوضع بخضوع ..ألا توجد سخرية أكثر من هذه ... عرفت حينها أن الجحيم مخيف لأنه يملك أكثر من هذه ويوجد هناك أصحابك وأخوتك ينظرون لك تتعذب ولا يملكون شيء يدفعون به الخطر عنك , نفسي .. نفسي .... ساعدني يا رب )
اللهم عفوك !!
هل يكذب هذا الرجل أم أنه يصدق !!
هل يوجد أناس بهذه الهمجية والوحشية ؟
أين حقوق الإنسان ؟
أين الجمعيات الإنسانية ؟
أين الأموال التي تجمع بسبب التبرع لضحايا الكوارث الطبيعة أوليس يمر هؤلاء المساكين بكارثة من البشر؟
لماذا قلت هؤلاء وليس نحن ؟
لقد أدركت إن قضيتهم أصبحت قضيتي
ومصيرهم أصبح مصيري وعذابهم سوف يصبح عذابي ...
ساعدني يا رب !!
اليوم الثالث
( الصبر مفتاح الفرج , تغيرت هذه القاعدة
للصبر مفتاح العرج , عم فاضل زميلي وصاحبي في هذه الزنزانة لم ينال من صبره في جلسات التحقيق سوى خروجه بعاهة في رجله جعلته يعرج أثناء سيره
وعندما كنت أسأله عن أحداث هذه الإصابة كان
يقول : الله ليس بغافل عن عبيده , الله هو المنتقم
كم كان يعجبني أيمانك يا سيدي فاضل
كم كان يحزنني رؤيتك تتعثر في خطاك وهم يسيروك لغرفة التحقيق ..
آه يا عم فاضل كم كانت هذه الزنزانة مباركة بقراءتك المستمرة للكتاب الكريم تحت ضوء قداحتك القديمة
وحتى عندما مزقوا مصحفك المبارك كنت ترتل الذكر الحكيم بما تجود به ذاكرتك مازلت أذكر عندما كنت تصلي وقد دخل أحد خنازيرهم وأخذ يضحك عندما شاهدك تسجد وقد جلس على ظهرك وأنت مازلت ساجد وتدعي الله أن يرفع ذلك القابع على ظهرك والذي داس برجله الدنيئة على رأسك الطاهر
لم تدرك يا سيدي أن زمن المعجزات ولى
ولا يوجد للظواهر الخارقة في زمنا هذا
وكم أبكاني إيمانك بعد أن نهض ذلك الخنزير وبعد أن انتهيت من صلاتك وقلت : أن الله كان يريد أن يختبر صبري ...؟
ماذا نفعك صبرك يا عم فاضل ؟
أخذوك ولم يعيدوك وورثت من صحبتك قداحتك
قداحتك القديمة و العزيزة )
صرت الهث من فرط التوتر والخوف وأنا أحاول أن أتذكر هويتي وكيفية وصولي لهذا السجن المخيف
فجأة ٌفتح الباب ليمنعني من قراءة باقي اليوميات
أمعنت النظر في خيال ذاك الرجل الضخم القابع أمامي
والضوء المنبعث من خلفه لعب دور كبير في خلق ظل
على وجه القادم ومن ثم تظليل ملامحه ....
( أنهض )
على الرغم من أنه لم يقولها بلغتي لكني فهمتها بمنتهى السهولة ...
( قلت لك أنهض )
كان في خاطري أن أسأله من أنت ولماذا أنا هنا ...
كنت أريد أسأله من أصلا أنا ؟
في الحقيقة كنت أريد أن أسأله الكثير من الأسئلة لكنه أنقض علي ورفع جسمي الهزيل وأخذ يجرني خارج الزنزانة بمنتهى السهولة ... وبمنتهى الذل ....
ظلام .... حتى ممرات هذا السجن مظلمة !
هل هذا نوع من الأساليب التي يجعلنا نخاف حتى عندما نكون لوحدنا ...هل هذا ما يريده هؤلاء القوم ؟
توقف ذلك الرجل عن أحد الأبواب , طرق الباب ثم فتحه ودفعني للداخل بعنف سقطت على وجهي وأنا أكاد ابكي أريد أن اعرف فقط ما لذي فعلته لكي أعيش في هذا الانكسار رفعت نظري لرجل يجلس على كرسي متأنق كأنه ذاهب إلى حفلة أو إلى مناسبة سعيدة , أقترب مني الرجل و انخفض نحوي
وهمس : أخبرتك أيها الإرهابي العربي سوف تذوق
العذاب على يدي الطاهرتين ...
لكني شديد الإعجاب بك مازلت على قيد الحياة بعد الذي مررت به ..
والآن أخبرني عن مركز الإرهابيون وسوف أرحمك
وإذ أخبرتني بما أحب سوف أكرمك حتى ...
نظرت له وابتسامته الصفراء تعلو ثغره القبيح ..
قلت له بخفوت مرتبك : ما لذي تتحدث عنه ؟
انقلبت ابتسامته إلى عبوس وتغيرت سحنته الهادئة
إلى شيطان رجيم وصرخ بقوة ثم ركلني في وجهي ليحطم لي ( سنّين ) ثم يسحبني من شعري وهو يصرخ عاليا : أيها الإرهابي القذر لقد منحتك فرصة
العمر لكنك فوتها ارني عنادك عندما تواجه
( الكماشة ) بشحنتها العالية هذه المرة !
ثم ترك رأسي يسقط على الأرض بعنف وأن أشعر بإنهاك كبير وذلك الصداع الكريه لا يفارق ذهني المشوش , سلمت نفسي لذراعي ذلك الرجل الأول ليعيدني لزنزانتي من جديد , رماني بعنف على الأرض التقت أنفاسي بصعوبة ثم زحفت على الأرض والتقطت القداحة وأكملت قراءة تلك اليوميات
( اليوم الرابع )
إنه اليوم الأخير بالنسبة لي .... لا تفرح لن أغادر
السجن فحسب بل سأغادر الحياة , اليوم قابلت المدعو
( ستيفن ) وبعد التعذيب والتنكيل هددني بالكماشة
وقد تتساءل ما هي الكماشة ؟
هي عبارة عن كرسي معدني في أعلاه لوحين معدنيني
يطوقان الرأس بأكمله , يقيدون السجين في الكرسي ثم
يطلقون شحنات كهربية عالية في اللوحين المعدنيين
ليغمر ذلك التيار رأسك ويجعلك تتمنى الموت
هذا ما وصلني من معلومات حول ذلك الجهاز المخيف
وبصراحة شديدة لم أعد أستحمل تعذيبهم , أصابوني بجروح عميقة في أمامكن مختلفة في جسمي , نزعوا من كليتي بعملية همجية للتبرع بها إلى أبناء بلدهم
والآن تيار كهربي عالي الشحنة يمر في رأسي ؟
لا والف لا ... لن أنجو هذه المرة ... أدعو لي بالرحمة ... )
نزلت دموعي على خدي لا شعوريا وأنا أقرأ تلك الكلمات
وأتصور حاله الذي يشبه حالي لحد كبير ...
هل سوف الحق بهذا السجين المسكين بعد أن أتعرض
لتلك ( الكماشة ) ؟
أنا أيضا أشعر بالتعب , و ألم غير محدود ولكني أجهل السبب ....
فتح الباب مرة أخرى فنظرت برعب نحو ذلك الرجل الذي أمسكني مرة أخرى بهمجية وساقني نحو غرفة ذات باب معدني ... ما لذي يكسوا الباب ! ..دماء ؟
دخلت معه لأجد ذلك الكرسي المعدني الأسطوري
يبتسم لي بسخرية وكأنه يعدني بنقلي إلى عالم آخر
لا يختلف عن هذا الكابوس ..
ثبتني الحراس ولم يكترثوا بتوسلاتي الذليلة الخاضعة
اقترب مني ذلك الأنيق وأنفاسه الكريهة تلفح وجهي
( ألم تستلم بعد ؟ )
قلت له وأنا أبكي : لا اعلم شيء .. بالله صدقني ...
هز رأسه بأسى مصطنع ثم رفع يده كنوع من الإشارة
وهو يبتعد خطوات عني , سمعت صوت بعض المفاتيح الإلكترونية تُدار ثم صاعقة في رأسي
وضوء كالبرق غشى عيني وألم هز كياني ....
ذهن مشوش وصداع عنيف وألم شديد استيقظت
من جديد في تلك الزنزانة المظلمة نفس الهدوء
الذي تقاطعه الأنات , نفس الرائحة ....
رائحة الدماء ...
نظرت إلى اليوميات المكتوبة على الجدار وقد تعرفت على سر الرائحة الدموية فقد كانت اليوميات مكتوبة
بالدماء , شعرت ببعض الصفاء في ذهني انهمر بغتة
مررت القداحة نحو جسمي وأنا أنظر نحو تلك الجروح الغريبة المتناثرة ووضعت يدي بالقرب من خاصرتي فشعرت بألم قوي وعندما نظرت إلى مكان الألم وجدت شق به آثار خياطة وكأنه أثر عملية ما
هنا أزداد الصفاء الذهني وبدأت أتذكر وقائع مختلفة ثم
أدخلت يدي في فمي ولوثتها ببعض الدماء ثم شرعت
أكتب على الجدار بعض الكلمات ... مثلما توقعت نفس
الخط ... ونفس الدماء ... كان كاتب تلك اليوميات هو أنا ..... الآن تذكرت من أنا ....
طالب جامعي كنت بالصدفة بالقرب من أحد مركز الشرطة التي تعرضت لهجوم انتحاري وقام جنود الاستعمار باعتقال الموجودين بشكل عشوائي ومنهم كنت أنا ...
إذ كان ألم الكماشة في المرة الأولى هو سبب فقداني المؤقت لذاكرتي وألمها الثاني كان سبب استردادها
هل المرة الثالثة سوف يكون سبب محوها نهائيا ؟
صبغت إصبعي بالدماء من جديد ...
وواجهت قبلتي وانحنيت في محرابي وشرعت أقوم بواجبي المقدس ... كتابة يومياتي ...ورحت أكتب
وأكتب ..... وأكتب ....
النهاية ...
الكاتب : Angeleese
وتحياتي